----- Original Message -----
From: Rania
Sent: Thursday, March 14, 2002 3:02 PM
Subject:  مختصر قصة الهجرة ( 3 )

 

دُخُولُ رَسُولِ اللّهِ الْمَدِينَةَ

وَلَمّا بَلَغَ الأنْصَارَ مَخْرَجُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ مَكّةَ  كَانُوا يَخْرُجُونَ كُلّ يَوْمٍ إلَى الْحَرّةِ ( موقع بالمدينة )  يَنْتَظِرُونَهُ ، فَإِذَا اشْتَدّ حَرّ الشّمْسِ رَجَعُوا إلَى مَنَازِلِهِمْ . فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعَ الأوّلِ عَلَى رَأْسِ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ نُبُوّتِهِ خَرَجُوا عَلَى عَادَتِهِمْ ، فَلَمّا حَمِيَتْ الشّمْسُ رَجَعُوا ، فَصَعِدَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى أُطُمٍ ( حصن )  مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ  فَرَأَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابَهُ ، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا بَنِي قَيْلَةَ هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاءَ ، هَذَا جَدّكُمْ الّذِي تَنْتَظِرُونَهُ . فَثَارَ الأنْصَارُ ( أهل المدينة الذين ناصروا رسول الله و تلقوه مهاجراً )  إلَى السّلامِ لِيَتَلَقّوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .

وَكَبّرَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِهِ . وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ فَتَلْقَوْهُ وَحَيّوْهُ بِتَحِيّةِ النّبُوّةِ . وَأَحْدَقُوا بِهِ مَطِيفِينَ حَوْلَهُ .

فَلَمّا أَتَى الْمَدِينَةَ ، عَدَلَ ( اتجه )  ذَاتَ الْيَمِينِ حَتّى نَزَلَ بِقُبَاءٍ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً . وَأَسّسَ مَسْجِدَ قُبَاءَ ، وَهُوَ أَوّلُ مَسْجِدٍ أُسّسَ بَعْدَ النّبُوّةِ .

 فَلَمْ تَزَلْ نَاقَتُهُ سَائِرَةً لا يَمُرّ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الأنْصَارِ ، إلا رَغِبُوا إلَيْهِ فِي النّزُولِ عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ دَعُوهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَة فَسَارَتْ حَتّى وَصَلَتْ إلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ الْيَوْمَ ( المسجد النبوي )  فَبَرَكَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ عَنْهَا ، حَتّى نَهَضَتْ وَسَارَتْ قَلِيلاً . ثُمّ رَجَعَتْ وَبَرَكَتْ فِي مَوْضِعِهَا الأَوّلِ . فَنَزَلَ عَنْهَا . وَذَلِكَ فِي بَنِي النّجّارِ ، أَخْوَالُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .

وَكَانَ ذلك مِنْ تَوْفِيقِ اللّهِ لَهَا ، فَإِنّهُ أَحَبّ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى أَخْوَالِهِ يُكْرِمَهُمْ . فَجَعَلَ النّاسُ يُكَلّمُونَهُ فِي النّزُولِ عَلَيْهِمْ ، وَبَادَرَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ ( أبو أيوب الأنصاري ) إلَى رَحْلِهِ ( الرحل : ما يوضع على ظهر البعير للركوب )  فَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ . فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِه : أي يقيم حيث يوجد رحله  وَجَاءَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فَأَخَذَ بِخِطَامِ (زمام ) نَاقَتِهِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ . فَأَقَامَ فِي بَيْتِ أَبِي أَيّوبَ حَتّى بَنَى حُجَرَهُ وَمَسْجِدَهُ .

وَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَهُوَ فِي مَنْزِلِ أَبِي أَيّوبَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَبَا رَافِعٍ . وَأَعْطَاهُمَا بَعِيرَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى مَكّةَ ، فَقَدِمَا عَلَيْهِ بِفَاطِمَةَ وَأُمّ كُلْثُومٍ ابْنَتَيْهِ . وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمَعَةَ زَوْجِهِ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَأُمّ أَيْمَنَ . وَأَمّا زَيْنَبُ ( بنت رسول الله )  فَلَمْ يُمَكّنْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ مِنْ الْخُرُوجِ ( و كان لا يزال كافراً ، و لم ينزل من القرآن بعد ما يحرمها عليه ) ،  وَخَرَجَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِعِيَالِ أَبِي بَكْرٍ . وَفِيهِم عَائِشَةُ .


بِنَاءُ الْمَسْجِدِ النَبَوِيِّ

قَالَ الزّهْرِيّ : بَرَكَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عِنْدَ مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ وَكَانَ مُرِبدًا ( مكان لتجفيف التمر )  لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ، غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَا فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ . فَسَاوَمَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْغُلامَيْنِ بِالْمِرْبَدِ لِيَتّخِذَهُ مَسْجِدًا فَقَالا : بَلْ نَهَبُهُ لَك يَا رَسُولَ اللّهِ . فَأَبَى رَسُولُ اللّهِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ .

وَكَانَ فِيهِ شَجَرٌ غَرْقَدُ وَنَخْلٌ ، وَقُبُورٌ لِلْمُشْرِكِينَ . فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْقُبُورِ فَنُبِشَتْ وَبِالنّخِيلِ وَالشّجَرِ فَقُطِعَ . وَصُفّتْ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ . وَجُعِلَ طُولُهُ مِمّا يَلِي الْقِبْلَةَ إلَى مُؤَخّرَةِ مِائَةِ ذِرَاعٍ . وَفِي الْجَانِبَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ دُونَهُ . وَأَسَاسُهُ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ . ثُمّ بَنَوْهُ بِاللّبِنِ . وَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَبْنِي مَعَهُمْ وَيَنْقُلُ اللّبِنَ وَالْحِجَارَةَ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ :

اللّهُمّ إنّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ

فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ

وَجَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ فِي رَجزِهِ :

وَلَئِنْ قَعَدْنَا وَالرّسُولُ يَعْمَلُ

لِذَاكَ مِنّا الْعَمَلُ الْمُضَلّلُ

 
وَجَعَلَ قِبْلَتَهُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ . وَجَعَلَ لَهُ ثَلاثَةَ أَبْوَابٍ : بَابٌ فِي المُؤَخّرَة ، وَبَابٌ يُقَالُ لَهُ بَابُ الرّحْمَة ،ِ وَالْبَابُ الّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَجَعَلَ عُمُدَهُ الْجُذُوعَ ، وَسُقُفَهُ الْجَرِيدَ .  وَبَنَى بُيُوتَ نِسَائِهِ إلَى جَانِبَيْهِ ، بُيُوتُ الْحُجَرِ ( جمع حُجْرَة )  بِاللّبِنِ وَسُقُفُهَا بِالْجُذُوعِ وَالْجَرِيدِ .

 
 نبذة عن مسجد قباء
 
نبذة عن المسجد النبوي