----- Original Message -----
From: Rania
Sent: Monday, May 20, 2002 8:44 PM
Subject: مولد الهدى : مختصر السيرة ( 8 )

سؤالهم عن الروح وأهل الكهف

وكان المشركون يرسلون إلى أهل الكتاب يسألونهم عن أمره صلى الله عليه و سلم ، فبعثت قريش "النضر بن الحارث" و "عقبة بن أبي معيط" ، إلى أحبار اليهود بالمدينة ، فقالوا لهما : سلاهم عن محمد و صِفَا لهم صفته ، فإنهم أهل الكتاب و عندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء .

فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألاهم عنه و وصفا لهم أمره ، فقالت لهما أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فهو رجل منقول :

فأقبلا ، حتى قدما مكة  ، فقالوا : قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد . قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها .

فجاءوا رسول الله فسألوه عما أخبرهم أحبار يهود ، فجاءه جبريل :

والقرآن مملوء من إخباره بالغيب الماضي الذي لا يعلمه أحد من البشر إلا من جهة الأنبياء ، لا من جهة الأولياء ولا من جهة غيرها .

وقد عرفوا أنه صلى الله عليه وسلم لا يتعلم هذا من بشر ، ففيه آية وبرهان قاطع على صدقه ونبوته .

 

قول الوليد بن المغيرة في القرآن سحر

إن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : اقرأ عليَّ .

فقرأ عليه : (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ...  ))

فقال : أعد ، فأعاد 

فقال : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر .

و قال الوليد بن المغيرة قال لقومه ، وقد حضر موسم الحج : ستقدم عليكم وفود العرب من كل جانب وقد سمعوا بأمر صاحبكم ، فأجمعوا فيه رأيا ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضا .

فقالوا : فأنت فقل .

فقال : بل قولوا وأنا أسمع .

قالوا : نقول كاهن .

قال : ما هو بزمرة الكهان ولا سجعهم .

قالوا : نقول مجنون

قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخالجه .

قالوا : نقول شاعر .

قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه

قالوا : نقول ساحر

قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة وسحرهم فما هو بعقدهم ولا نفثهم

قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟؟!

قال : ما نقول من شيء من هذا إلا عرف أنه باطل ، و لكن أقرب القول أن تقولوا ساحر يفرق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته فتُفَرِّقوا عنه بذلك .

فجعلوا يجلسون للناس لا يمر بهم أحد إلا حذروه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و قد أدت محولات قريش منع الحجيج عن سماع رسول الله و تحذيرهم إياه أن انتشر ذكره في بلاد العرب و تحاكى به الراجعون إلى بلادهم .

فأنزل الله في الوليد بن المغيرة ست عشرة آية من سورة المدثر : من قوله : (( ذرني ومن خلقت وحيدا  )) - إلى قوله - (( سأصليه سقر  )) . ونزل في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول في رسول الله وفيما جاء به من عند الله (( الذين جعلوا القرآن عضين  ))  أي أصنافا .

 

من المعجزات الحسية لرسول الله

انشقاق القمر

وكانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات ، فمنها ما يأتيهم الله به لحكمة أرادها الله سبحانه .

فمن ذلك أنهم سألوه أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر . وأنزل قوله تعالى (( اقتربت الساعة وانشق القمر  )) الآيات إلى قوله (( وكل أمر مستقر  )) 

فلما رأوا ذلك قالوا : سحَرَكم ، انظروا إلى السفار ( القوم المسافرين ) فإن كانوا رأوا مثل ما رأيتم فقد صدق .

فقال القادمون من كل وجه : رأينا .

 

في دار الأرقم

كان من الحكمة تلقاء اضطهادات قريش و اعتداءاتهم أن يمنع رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين من إعلان إسلامهم قولاً أو فعلاً ، و ألا يجتمع بهم إلا سراً ؛ لأنه إذا اجتمع بهم علناً فلا شك أن المشركين يحولون بينه و بين ما يريد من تزكية المسلمين و تعليمهم الكتاب و الحكمة ، و ربما يفضي ذلك إلى مصادمة الفريقين ، و قد وقعت بعض المصادمات بالفعل كما حدث مع سعد بن أبي وقاص عندما كان يصلي و نفر من المسلمين في أحد شعاب مكة ( الطرق بين الجبال ) .

و معلوم أن المصادمة لو تعددت و طالت لأفضت إلى تدمير المسلمين و إبادتهم ؛ إذ كانوا قلة من أتباع الإسلام الناشئ ، فكان من الحكمة الاختفاء ، فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم و عبادتهم و دعوتهم و اجتماعهم ، أما رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان يجهر بالدعوة و العبادة بين ظهرانيّ المشركين ، لا يصرفه عن ذلك شئ ، و لكن كان يجتمع مع المسلمين سراً ؛ نظراً لصالحم و صالح الإسلام ، و كان ذلك في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، و قد كانت على جبل الصفا ، و كانت بمعزل عن أعين الطغاة و مجالسهم ، فاتخذها مركزاً لدعوته و لاجتماعه بالمسلمين من السنة الخامسة من النبوة .