----- Original Message -----
Sent: Thursday, March 21, 2002 8:41
AM
Subject: من دروس الهجرة ( 4 )
: حب الوطن
حب
الوطن
" يا مكة .. و الله لأنت
أحب بلاد الله إلى الله ، و أحب بلاد الله إليّ ، و لولا أن قومك أخرجوني منكِ ..
ما خرجت "
بتلك الكلمات ودع رسول الله وطنه ..
مكة ، التي تربى على أرضها و نشأ بين أهلها ، و عرف طرقها و مسالكها ، و حوت ذكريات
الطفولة و الصبا و الكهولة . على تلك الأرض كان مولده و بها تاريخ الآباء و الأجداد
.. ما أعزها عليه و ما أقربها لقلبه .. و ما أقسى تلك اللحظات التي يودعها فيها
مضطراً غير مختاراً ، مدفوعاً بمسؤلية أداء الأمانة و تبليغ الرسالة التي أمره الله
بتبليغها إلى الناس :
يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من
ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته ، فقد أصبح
متيقناً أن لا مأوى للإسلام الناشئ على أرض مكة ، لابد من المهجر و الرحيل عنها ..
و لا بد من مر الفراق .
الشعور بحب الوطن و الانتماء إليه شعور
إنساني فطري ، فكل إنسان يجد لوطنه مكاناً عزيزاً مقرباً في قلبه ، يرجو له الرقي و
الرفعة و النماء ، و يسعى في سبيل نصرته و عزته ، يدافع عنه و يحميه و يفديه بالنفس
و المال .. فكرامة الوطن من كرامة الإنسان ذاته ، و أمنه أمن لأهله ، و كل ما ينسب
لهذه الأرض التي تحيا عليها من صفات هي أيضاً منسوبة إليك ، و لن تستطيع التجرد
منها .
بلغ حب الوطن و إعزازه و تقديسه في قلب
العربي مكاناً عميقاً ، فيروى أن العربي القديم كان إذا سافر أخذ بعضاً من تراب أرض
وطنه قتراً ، و كان يضعه في عينه إذا أصابها المرض تيمناً بالشفاء به .. إلى هذا
الحد بلغ في قلبه الإكبار و الإعزاز لوطنه ، أين ذلك العربي نفسه اليوم من أراضٍ
مسلوبة ، و ثرواتٍ ضائعة ، و كرامة مهدرة ، و أعراضٍ منتهكة ... و ضمائر
خائنة ، لم يعد فيها مكان لوطن و لا كرامة ، تبيع الغالي بأرخص الرخيص ، تخون الأهل
و الوطن في سبيل النفع الذاتي الزائل .
استمر حنين رسولنا محمد صلى الله عليه
و سلم إلى وطنه مكة طوال فترة مكوثه في المدينة المنورة قبل فتح مكة ، فقد كان دائم
الشوق إليها ، و كانت قبلة المسلمين في الصلاة لا تزال إلى جهة بيت المقدس ، و كان
رسول الله شديد الحنين إلى بيت الله المعمور بمكة ، البيت الذي تهوي إليه قلوب
الناس من شتئ بقاع الأرض كما دعا سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه
فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، و كان
رسول الله دائماً ما يقلب بصره في السماء انتظاراً لنزول الوحي عليه بتحويل القبلة
، و قد تم له ذلك بحمد الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ، فولِّ
وجهك شطر المسجد الحرام ، و حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره
.
و قد تم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و للمسلمين المهاجرين فرحة العودة إلى أرض
الوطن عند فتح مكة و دخولهم إليها ظافرين منصورين بنصر الله
إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً
رب اجعل هذ
بلداً آمناً..اللهم وَلِّ أمورنا خيارنا..و لا تُوَلِّ أمورنا
شرارنا
(نشيد
بلادي)