----- Original Message -----
Sent: Saturday, March 23, 2002
11:42 AM
Subject: من دروس الهجرة ( 5 )
: محبة رسول الله
محبة رسول
الله
فِداكَ أبي و أمي
(( و في
الطريق إلى الغار كان أبو بكر يمشي تارة أمام رسول الله و تارة خلفه ، فسأله رسول
الله عن ذلك ، فقال : أَذكر الطلب ( أي من يطلبونك ) فأمشي
خلفك ، و أذكر الرصد ( أي من يرصدونك ) فأمشي أمامك . و كان أبو بكر
يقول : لو قتلت أنا فقد مات فرد ، أما لو قتلت أنت فقد ماتت
أمة بأكملها .
و لما انتهيا إلى الغار
قال أبو بكر : و اللهِ لا تدخله حتى أدخله قبلك ، فإن كان فيه
شئ أصابني دونك ، فدخل فكسحه ، و وجد في جانبه ثقباً فشق إزاره و سدها
به ، و بقي منها اثنان ( ثقبان ) فألقمهما رجليه ، ثم قال لرسول الله
ادخل ، فدخل رسول الله ، و وضع رأسه في حجر أبي بكر و نام ، فلُدِغ أبو بكر في رجله
من الجحر ، و لم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله ،
فسقطت دموعه على وجه رسول الله ، فقال : ما لكَ يا أبا بكر ؟ قال : لُدِغتُ ، فداك أبي و أمي ، فداواه رسول الله ، فذهب ما يجده
.))
لقد كان صحابة رسول الله يحبونه أكثر من حبهم لأنفسهم و أبنائهم
و أهليهم ، كانوا على استعدادٍ دائمٍ للتضحية و الفداء لأجل نجاته . يروى أن امرأة
من المسلمين قُتِل في أحد المعارك زوجها و أبوها و أخوها ، فلما أخبرت بهم قالت :
ما فعل رسول الله ؟ و عندما قيل لها : هو حي ، قالت : كل
مصيبةٍ بعده هينة .
لماذا ؟ .. ما الذي
يولد ذلك الشعور في داخل نفس المسلم ؟
المؤمن الذي ذاق حلاوة الإيمان و أدرك نعمة الإسلام يعلم علم
اليقين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كان سبباً في الحصول على هذه النعمة ،
و أنه ذو فضل عظيم على كل من يشهد
أن لا إله إلا الله ، و أن
محمداً رسول الله إلى أن تقوم الساعة . يزداد حبك و إعزازك لنبيك محمدٍ
إذا علمت أنه تحمل الكثير و
الكثير كي تبلغك دعوة الإسلام .. كي تنعم بفضل الله في ظله آمناً مطمئناً .. كي
تذوق حلاوة الإيمان .
صور من إيذاء
المشركين لرسول الله
كم لاقى رسول الله من إيذاءٍ ، و كم
صبر على المشاق و الآلام في سبيل تبليغ دعوة ربه سبحانه و تعالى ، ما ضره لو أنه لم
يفعل .. و قد أُعْذِر إلى ربه بأنه قد بلَّغ و لم يستجيبوا ، غير أنه الحريص
على نجاة أمته ، الراغب في الخير لها ... قد تحمل في سبيل نجاتها
من العذاب إن كفرت و كذَّبت .
أبو لهب .. عم رسول
الله :
اتخذ أبو لهب موقفه المعادي لرسول الله
منذ اليوم الأول قبل أن تهم قريش باعتداءاتها ، عندما صعد رسول الله على جبل الصفا
جاهراً بدعوته إلى عبادة الله الواحد الأحد ، فرد عليه أبو لهب قائلاً : تباً لك
سائر اليوم .. ألهذا جمعتنا ؟ . و كان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة و عتيبة بابنتي
رسول الله رقية و أم كلثوم قبل البعثة ، فلما كانت بعثته صلى الله عليه و سلم
رسولاً أمر أبو لهب ابنيه بتطليقهما بعنف و شدة حتى طلقاهما . و كان أبو لهب يجول
خلف النبي في موسم الحج و الأسواق لتكذيبه أمام من يدعوهم للإسلام ، بل كان يضربه
بالحجر حتى يدمي عقباه .
أم جميل .. امرأة أبي
لهب :
كانت لا تقل عن زوجها في عداوة النبي ،
فقد كانت تحمل الشوك و تضعه في طريقه و على بابه ليلاً ؛ و لذلك وصفها القرآن
بحمالة الحطب ، و كانت امرأة سليطة اللسان تطيل عليه الافتراء و الدس و تؤجج
نار الفتنة . و لما سمعت ما نزل فيها و في زوجها من
القرآن أتت رسول الله و هو جالس في المسجد الحرام عند الكعبة ، و معه أبو بكر
الصديق ، و في يدها فهر ( أي بمقدار ملء الكف ) من الحجارة ، فلما وقفت عليهما أخذ
الله ببصرها عن رسول الله فلا ترى إلا أبا بكر ، فقالت : يا أبا بكر ، أين صاحبك ؟
قد بلغني أنه يهجوني ، و اللهِ لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ( فمه )
.
كان أبو لهب يفعل كل ذلك و هو عم رسول
الله و جاره ، كان بيته ملصقاً ببيته ، كما كان غيره من جيران رسول الله يؤذونه و
هو في بيته .
عقبة
بن أبي مُعَيْط :
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي عند البيت ، و أبو جهل و أصحاب
له جلوس ، إذ قال بعضهم لبعضٍ : أيكم يجئ بسلا جزور فيضعه على ظهر محمد إذا سجد ،
فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبي معيط جاء به فنظر حتى إذا سجد النبي لله وضعه على
ظهره بين كتفيه ، فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعض ( أي يتمايل بعضهم على بعض
مرحاً و بطراً ) ، و رسول الله ساجد ، لا يرفع رأسه ، حتى جاءته فاطمة فطرحته عن
ظهره ، فرفع رأسه ثم قال : اللهم عليك بقريش ، ثلاث مرات ، فشق عليهم إذ دعا عليهم
، و كانوا يرون أن الدعوة في هذا البلد مستجابة ، و قد رؤوا جميعاً صرعى في القليب
.. قليب بدر .
أمية
بن خلف :
كان إذا رأى رسول الله همزه و لمزه ، و
فيه نزل : ( ويلٌ لكل همزة لمزة ) ،
و الهمزة : الذي يشتم الرجل علانية و يغمز به ، و اللمزة : الذي يعيب الناس سراً و
يؤذيهم .أما أخوه
أُبَيّ بن خلف فكان هو و عقبة بن أبي معيط متصافيين . جلس عقبة مرة إلى
النبي و سمع منه ، فلما بلغ ذلك أبيّ بن خلف أنَّـبه و عاتبه و طلب منه أن يتفل في
وجه رسول الله .. ففعل . و أبيّ بن خلف نفسه فتّ عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو
رسول الله .
الأخنس بن شريق الثقفي :
كان ممن ينال من رسول الله ، و قد
وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه ، و هي في قوله تعال : ( و لا تطع كل حلافٍ مهين * همازٍ مشاءٍ بنميم *
مناعٍ للخير معتدٍ أثيم * عتلٍ بعد ذلك زنيم ).
أبو
جهل :
كان يجئ أحياناً إلى رسول الله يسمع
منه القرآن ، ثم يذهب عنه فلا يؤمن و لا يطيع و لا يتأدب و لا يخشى ، و يؤذي رسول
الله بالقول و يصد عن سبيل الله ، ثم يذهب مختالاً بما يفعل ، فخوراً بما ارتكب من
الشر ، كأنما فعل شئاً يذكر ، و فيه نزل : (
فلا صدق و لاصلى و لكن كذب و تولى ) .
و كان يمنع النبي من الصلاة منذ أول
يومٍ رآه يصلي في الحرم ، و مرة مر به و هو يصلي عند المقام فقال : يا محمد ، ألم
أنهكَ عن هذا ؟ و توعده ، فأغلظ له رسول الله و انتهره . فقال : يا محمد ، بأي شئٍ
تهددني ؟ أمَا و اللهِ إني لأكثر هذا الوادي نادياً ( القوم و العشيرة ) .
فأنزل الله تعالى فيه : ( أرأيت الذي
ينهى عبداً إذا صلى ..أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ..أرأيت إن كذّب و
تولى .. ألم يعلم بأن الله يرى .. كلا ، لئن لم ينتهِ لنسفعن بالناصية .. ناصيةٍ
كاذبةٍ خاطئة .. فليدع ناديه ، سندع الزبانية .. كلا ، لا تطعه و اسجد و اقترب
) .
تلك بعضٌ من مظاهر اللإيذاء التي
لاقاها رسول الله في طريق دعوته و تبليغ رسالة
ربه ، على ما له من شخصية تتسم بالجلال و الوقار و احترام الجميع فلا يُقْدِم على
إيذائه إلا كل لئيم خبيث النفس ، و على ما له من منعة و حماية من عمه أبي طالب الذي
كان ذا مكانة عالية في قريش . أما غيره من ضعفاء المسلمين الأوائل فقد كان ما
لاقَوه أدهى و أمر ، يفزع من ذكره قلب الحليم . لقد لاقوا كل تعذيب و تنكيل في
محاولات ردهم عن دينهم ، فما ضعفوا و ما استكانوا ، و جاهدوا في الله حق جهاده حتى
أتانا الإسلام قوياً ، عزيزاً ، مكيناً في أرض الله ، بلغ ملكه مشارق الأرض و
مغاربها ... فهل تُرانا رددنا لهم الجميل؟ .. هل ترانا حافظنا على هذه العزة و هذا
المجد التليد ؟ .. هل قابلنا تضحياتهم بالوفاء ؟ ... أم أننا ضيعنا ما حققوه ، و
هدمنا ما بنوه ، و قابلنا ما فعلوه بالجحود و النكران و التخاذل و الذلة و الهوان ؟
هل يصدق فينا قوله تعالى ( فخلف من بعدهم
خلفٌ أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات ) ؟
حبيبي يا رسول
الله
مما يورث في النفس محبة رسول الله صلى
الله عليه وسلم استشعار ما يلي :
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا
حبه، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم
محمدٌ طابـتِ الدنيــــا
ببَعثـتِهِ محمدٌ جاء
بالآيــاتِ و الحِكَمِ
محمدٌ يوم بَعْثِ الناسِ
شافعُنا
محمدٌ نورُهُ الهـادي من الظُّلَمِ
محمدٌ قـــائــمٌ لــلــه
ذو
هِمَـمٍ محمدٌ
خاتـَـــمٌ للــرُّسْلِ كُــلِّهِمِ
اللهم اجزِهِ
عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته ، و رسولاً عن رسالته
اللهم اجمع
بيننا و بينه كما آمنا به و لم نره
اللهم احشرنا في
زمرته .. و ارزقنا شفاعته .. و اسقنا من يده الشريفة شربةً هنيئةً لا نظمأ بعدها
أبداً