----- Original Message -----
Sent: Tuesday, May 28, 2002 1:41 PM
Subject: مولد الهدى : دروس من السيرة ( 4 - 1 )
تعدد
زوجات الرسول
( 1
)
تزوج صلى الله عليه و سلم من السيدة
خديجة بنت خويلد و عمره خمسة و عشرين عاماً ، و كان يعمل في مالها بالتجارة . و قد
كان عمله هذا استمراراً لحياة الكدح التي بدأها برعي الأغنام ، و كنا قد تكلمنا عن
شئ مما يتعلق بذلك من الحكمة و العبرة . و قد ظلت لها المكانة و المنزلة في حياته
صلى الله عليه و سلم ، ولم يتزوج غيرها طول حياتها ، و ظل وفياً لها بعد وفاتها
.
و أما قصة زواجه
منها ، فإن أول ما يدركه الإنسان من هذا الزواج هو عدم اهتمام الرسول صلى
الله عليه و سلم بالمتعة الجسدية ، فلو كان مهتماً بذلك كبقية أقرانه من الشبان
لطمع بمن هي أقل منه سناً أو بمن ليست أكبر منه على أقل تقدير ، فهو صلى الله عليه
و سلم إنما رغب فيها لشرفها و نبلها بين جماعتها و قومها ، حتى أنها كانت تلقب في
الجاهلية بالعفيفة الطاهرة .
و لقد ظل هذا الزواج
قائماً حتى توفيت خديجة عن خمسة و ستين عاماً ، و قد ناهز النبي عليه الصلاة و
السلام الخمسين من العمر ، دون أن يفكر خلالها بالزواج بأي امرأة أخرى ، و ما بين
العشرين و الخمسين من عمر الإنسان هو الزمان الذي تتحرك فيه الرغبة في النساء
.
و لكن محمداً صلى الله عليه و سلم
تجاوز هذه الفترة من العمر دون أن يفكر كما قلنا بأن يضم إلى خديجة مثلها من الإناث
، زوجة أوجارية ، و لو شاء لوجد الكثير دون أن يخرق بذلك عرفاً أو يخرج عن مألوف
بين الناس ، هذا على الرغم من أنه تزوج خديجة و هي أيِّم ( أي سبق لها الزواج ) ، و
كانت تكبره بخمسة عشر عاماً .
إدعاءات
المبطلين
و في هذا ما يلجم أفواه أولئك الذين
يأكل الحقد أفئدتهم على الإسلام و قوة سلطانه من المبشِّرين و المستشرقين و عبيدهم
الذين يسيرون من ورائهم .
فقد ظنوا أنهم واجدون في موضوع زواج
النبي المتعدد مقتلاً يصاب منه الإسلام و يمكن أن يشوه من سمعة محمد صلى الله عليه
و سلم ، و تخيلوا أن بمقدورهم أن يجعلوه عند الناس في صورة الرجل الشهوان الغارق في
لذة الجسد العازف عن عفاف القلب و الروح .
و معلوم أن المبشِّرين و معظم
المستشرقين هم خصوم الإسلام المحترفون ، يتخذون القدح في هذا الدين صناعة يتفرغون
لها و يتكسبون منها . أما الأغرار الذين يسيرون من ورائهم فأكثرهم يخاصمون الإسلام
على السماع والتقليد ، و لا يعنيهم أن يفتحوا أذهانهم لبحث و لا فهم ، إنما هي
هواية التقليد و الاتباع .
فمخاصمة هؤلاء للإسلام ليست سوى
الرمز الذي يعلنون به عن هويتهم بين الناس بأنهم ليسوا من هذا التاريخ الإسلامي في
شئ ، و أن ولاءهم إنما هو لهذا الفكر الاستعماري الذي يتمثل فيما يدعو إليه
دعاة الاستعمار الفكري من مبشِّرين و مستشرقين . . . أجل . . فإن مخاصمتهم للإسرم
ليست إلا مجرد شارة لهم بين قومهم وبني جلدتهم ، و ليست عملاً فكرياً لقصد البحث أو
الاحتجاج .
و إلا فموضوع زواج
النبي صلى الله عليه و سلم من أهون ما يمكن للمسلم المتبصر العارف بدينه و المطلع
على سيرة نبيه أن يستدل منه على عكس ما يروجه خصوم هذا الدين تماماً
يريدون أن يلصقوا به
صلى الله عليه و سلم صورة الرجل الشهواني الغارق في لذات الجسد !! ..
و موضوع
زواجه عليه الصلاة و السلام هو وحده الدليل الكافي على عكس ذلك
تماماً :-
و لسنا نرى الإطناب في الدفاع عن
زواجه عليه الصلاة و السلام ، إذ لا نعتقد أن ثمَّة مشكلة تحتاج إلى النظر و البحث
، و إن أوهم خصوم الإسلام ذلك .
و رُبَّ حق من
حقائق الإسلام لا يطمع خصومه لإبطاله بأكثر من استجرار المسلمين إلى مناقشة
دفاعية في شأنه .
( يتبع
)