----- Original Message -----
Sent: Monday, June 10, 2002 3:09 PM
Subject: مولد الهدى : دروس من السيرة ( 14 )
من المعجزات الحسية لرسول
الله
الإسراء و
المعراج
لقد عانى رسول الله صلى الله عليه و
سلم ألواناً كثيرة من المحن التي لاقاها من قريش ، و كان آخرها ما عاناه لدى ذهابه
إلى الطائف . فجاءت ضيافة الإسراء و المعراج من بعد ذلك تكريماً من الله تعالى له ،
و تجديداً لعزيمته و ثباته ، و دليلاً على أن هذا الذي يلاقيه ليس بسبب أن الله قد
تخلى عنه أو غضب عليه .. و إنما هي سنة الله مع محبيه ومحبوبيه .. و هي سنة الدعوة
الإسلامية في كل عصر و زمن ..
مكانة
بيت المقدس
إن في الاقتران الزمني بين إسرائه
عليه الصلاة و السلام إلى بيت المقدس و العروج به إلى السموات السبع و صلاته
بالنبيين إماماً بالمسجد الأقصى لدلالة باهرة على مدى ما لهذا البيت من مكانة
و قدسية عند الله تعالى .. و فيه دلالة واضحة أيضاً على ما بين الأنبياء من رابطة
الدين الواحد الذي ابتعثهم الله عز و جل به ..
يا أقصانا لن
ننساك
يا أقصانا نحن فداك
و فيه دلالة على مدى ما ينبغي أن
يوجد لدى المسلمين في كل عصر و وقت من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة و حمايتها من
مطامع الدخلاء و أعداء الدين .. و كأن الحكمة الإلهية تهيب بمسلمي هذا العصر أن لا
يهنوا و لا يجبنوا و لا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة ، و أن
يطهروها من رجسهم و يعيدوها إلى أصحابها المؤمنين .
و من يدري ؟ فلعل وقع هذا الإسراء
العظيم هو الذي جعل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يستبسل ذلك الاستبسال العظيم و
يفرغ كل جهده في سبيل صد الهجمات الصليبية عن هذه البقعة المقدسة حتى ردهم على
أعقابهم خائبين .
بالروحِ
أم بالهيكلِ الإسراءُ
كان الإسراء و المعراج بكل من الروح
و الجسد معاً ، و على ذلك اتفق جمهور المسلمين من المتقدمين و المتأخرين، و لا
استحالة في ذلك حتى يحتاج إلى تأويل .
و من الأدلة التي لا تقبل الرد على
أن الإسراء و المعراج كانا بالجسد و الروح ما حدث من استعظام قريش لذلك
وتعجبهم للخبر و سرعة تكذيبهم له .. إذ لو كانت المسألة مسألة رؤيا لما استدعى
الأمر منهم أي تعجب ؛ لأن المرئيات في النوم لا حد لها ، و لو كان الأمر كذلك أيضاً
لما سألوه عن صفات بيت المقدس و أبوابه و سواريه بقصد الإلزام و التحدي
.
تحذير
احذر و أنت تبحث عن قصة الإسراء و
المعراج أن تركن إلى ما يسمى بـ "معراج ابن عباس" ، فهو كتاب ملفق من مجموعة أحاديث
باطلة لا أصل لها و لا سند ، و قد شاء ذاك الذي فعل فعلته هذه أن يلصق هذه الأكاذيب
بابن عباس رضي الله عنه .
و لمَّا وقف دعاة السوء على هذا
الكتاب و وجدوا فيه من الأكاذيب المنسوبة إلى رسول الله ما يكفل زعزعة إيمان الكثير
من الناس .. راحوا يروجون له و يدعون إليه ـ و كان في جملة من كتب عنه مادحاً و
معظماً الدكتور "لويس عوض" ، و ما أدراك من هو لويس عوض ـ ، مع أنهم يعلمون قبل
سائر الناس أنه كتاب مكذوب على ابن عباس ، و أن أحاديثه باطلة ... و لكن سرعان ما
ينقلب الكذب عندهم صحيحاً إذا كان فيه ما يشوش أفكار المسلمين و يُلبس عليهم دينهم
.