عند تعرضنا
لتجويد قراءة القرآن الكريم فليس هدفنا هو قراءة القرآن فقط ، و لكن لنفهمه و لنعمل
به وليكون واقعاً ملموساً في أنفسنا و في مجتمعاتنا .
و لا شك أن
المسلمين كما هم مُتَعَبَّدون بفهم معاني القرآن و إقامة حدوده فهم مُتَعَبَّدون
أيضاً بتصحيح ألفاظه و إقامة حروفه كما تلقوها من أئمة القراءة عن رسول الله عن
جبريل عن الله عز و جل .
و يبين أهمية
تجويد قراءة القرآن ما قاله الإمام الجَزَري :
الأخذُ
بالتجويدِ حتمٌ لازمُ من لم يُجَوِّد
القرآنَ آثمُ
و التجويد في
اللغة معناه "التحسين" : جودت الشئ أي حسَّنته ، أما معناه في القرآن فهو إعطاء كل
حرف حقه من الصفات و مستحقه من الأحكام .
فضل
تلاوة القرآن الكريم
القرآن الكريم
هو كلام الله تعالى المُتَعَبَّد بتلاوته ، الذي أوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه
و سلم فكان معجزة خالدة ، و كان و لا يزال دستوراً خالداً على مر الأيام صالحاً
لتنظيم شئون الحياة في كل زمان ومكان، لا تنقضي عجائبه ...
قال تعالى : { اتلُ ما أوحيَ إليك من
الكتاب و أقم الصلاة } ، و قال أيضاً : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته }
.
قال صلى الله عليه و سلم : "الماهر
بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، و الذي يقرأ القرآن و يتتعتع فيه وهو عليه شاق
له أجران" ، و قال أيضاً : "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً
لأصحابه".
فنسأل الله أن
يجعلنا من أهل القرآن
أصناف
الناس من حيث قراءة القرآن
1- محسن مأجور : و هو الذي يجيد التلاوة
و القراءة الصحيحة كما أنزلها الله تعالى .
2- مسئ معذور : هو الذي يحاول القراءة الصحيحة و لكن لا
يطاوعه لسانه أو لا يجد من يهديه إلى الصواب أو تمنعه ظروفه من التعلم .. فاعلم أن
الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، و لكن عليك أن تجتهد جهدك فإن العمل بالتجويد فرض
عين لازم لكل من يقرأ شيئاً من القرآن لا سيما في الصلاة ..
3- مسئ آثم : و هو الذي يستغني بنفسه و يستبد برأيه و يتكل
على ما ألِفه من حفظ مستكبر عن الرجوع إلى عالِم يوقفه على تصحيح لفظه .. فلا
تكوننَّ من هذا الصنف ..
قال تعالى :
{ و إنَّ لكم في الأنعام لعبرة نُسقيكم مما في بطونه من بين فرثٍ و دمٍ لبناً
خالصاً سائغاً للشاربين } [النحل : 66 ]
توجه الآية أنظارنا إلى
الاعتبار بما في قدرة الله تعالى من إبداع في خلقه و روعة في صنعه ، حيث جعل اللبن
يخرج من بين فرث ـ و هو فضلات الطعام ـ و بين الدم
و هنا يوضح ما كشف عنه علم
وظائف الأعضاء في الأجسام من أن الجهاز الهضمي للحيوان يقوم بهضم الطعام و امتصاص
العصارة التي تتحول إلى دم يجري في الأوعية الدموية لتغذية كل خلية في
الجسم.
و من هذا الدم ما يصل إلى ضرع
الحيوان حيث تبدأ الغدد اللبنية في هذا الضرع تستخلص من الدم العناصر اللازمة
لتكوين اللبن ، و ذلك بعد أن تنصب عليه عصارات خاصة تحيله إلى لبن له مذاقه و لونه
الخاص .
بهذا يثبت العلم الحديث أن
اللبن يخرج من بين الفرث و الدم سائغاً لذيذاً للشاربين .. فسبحان الله .. إنها
عملية عجيبة و هي تتم في الجسم في كل ثانية